ريادة أعمال

قصة نجاح امبراطور الإعلام روبرت مردوخ وسيرته الذاتية

تعرف على قصة امبراطور الإعلام الصحفي والتلفزيوني العالمي

في هذه المقالة، سنستعرض السيرة الذاتية لرجل الأعمال الأمريكي الأسترالي الشهير روبرت مردوخ. وروبرت مردوخ هو المؤسِّس والرئيس التنفيذي لشركة نيوز كورب News Corp والرئيس التنفيذي المشارك لشركة تونتي فرست سينتشوري فوكس 21st Century Fox. كما يمتلك مردوخ أيضاً أكثر من 30 صحيفة في الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة، ومن بينها بعض الصحف الشهيرة مثل صحيفة نيويورك بوست New York Post (التي اشتراها في عام 1976) وصحيفة ذا تايمز The Times (التي اشتراها في عام 1981) وصحيفة ذا صنداي تايمز The Sunday Times وذا ديلي تليغراف (اللذين اشتراهما في عام 1972).

يمتلك روبرت مردوخ العديد من الشركات الأخرى، ومن بينها شركة هاربر كولينز Harper Collins (1989) وشركة Mushroom Records (1999) وداو جونز لخدمات المعلومات Dow Jones. وبحلول عام 2000، كانت شركته، نيوز كوربوريشن News Corporation، تمتلك أكثر من 800 شركة في أكثر من 50 دولة بقيمة صافية قدرها 5 مليارات دولار. ويسعى روبرت مردوخ دائماً إلى تحقيق التفوُّق والريادة في أي مجال يدخله، وهو يتمتَّع بالعديد من السمات الشخصية التي تؤهِّله لذلك، ومن بينها روح المغامرة والعدوانية والشغف والجاذبية والقدرة على القيادة والتوجيه.


الطفولة المُبكِّرة لروبرت مردوخ

وّلِد روبرت مردوخ في 11 مارس 1931 في مزرعة تقع على مسافة 30 ميلاً جنوب ملبورن، أستراليا. وروبرت مردوخ هو الابن الأول والطفل الثاني للسير كيث مردوخ (1952-1885) وإليزابيث جوي غرين (2012-1909)، ابنة روبرت غرين. وتربط روبرت بأخته هيلين، التي تكبره بعامين، علاقة قوية تختلف عن علاقته بأخته آن المولودة في عام 1935 وجانيت المولودة في عام 1939.

الطفل روبرت مردوخ مع والده السير كيث في عام 1936
الطفل روبرت مردوخ مع والده السير كيث في عام 1936

كان كيث مردوخ، والد روبرت، مراسلاً حربياً معروفاً استطاع أن يُحقِّق الكثير من النجاح في أعقاب الحرب العالمية الأولى، حيث أصبح المدير التنفيذي لمجموعة هيرالد آند ويكلي تايمز Herald and Weekly Times Group، وهي واحدة من كبرى شركات النشر في أستراليا. كما استطاع أيضاً أن يمتلك ثلاث صحف محلية. وقد حاول السير كيث آرثر مردوخ منذ مرحلة مُبكِّرة أن يزرع في ابنه الصغير الحب للمهنة التي كان فخوراً بها حقاً. وقد نجح في محاولته، حيث سيطرت الصحافة على عقل روبرت مردوخ الذي اعترف فيما بعد بأنه لا يتخيَّل حياته بعيداً عن الصحافة.

سُمي روبرت على اسم والده وجده لأمه، وفيما بعد، اختار روبرت استخدام اسم جده. وقد كان جده روبرت غرين كسولاً وسكيراً يلعب القمار ويطارد النساء. ويعتقد الكثيرون أنه قد أثَّر تأثيراً سلبياً كبيراً على حفيده. فعلى سبيل المثال، شجع السيد/ غرين روبرت الصغير على قيادة السيارة بينما كان لا يزال صغيراً ولا يستطيع الوصول إلى دواسات السيارة. وكان الجد عاملاً مشتركاً في جميع المشاكل التي وقع فيها روبرت وأختيه.

وقد ظهرت ميول روبرت التجارية منذ الصغر، حيث كان يصيد الأرانب ويبيع فرائها. وقام أيضاً ببيع روث الخيول للمزارعين المسنين. وبالإضافة إلى ذلك، كان روبرت شغوفاً بالمغامرة والمخاطرة، حيث اعتاد أن يركب دراجته طوال الطريق إلى ملبورن بعد المدرسة ليخوض السباقات المثيرة. وكان من الواضح أن والد روبرت كانت لديه بعض الشكوك حول مهارات وقدرات ابنه. ففي سن السابعة، تم إرسال روبرت إلى مدرسة ابتدائية ذات نظام تعليم عسكري.

هناك شخص آخر ربما كان له أكبر الأثر على روبرت مردوخ، وهذا الشخص هو والدته، إليزابيث جوي غرين، التي غرست فيه الشعور بالاستقلالية، حيث كان تصر خلال عطلة الصيف على أن ينام روبرت خارج المنزل في كوخ مبني على ارتفاع ثلاثة أمتار فوق الأرض دون أي كهرباء أو مياه. وقد كان الهدف من ذلك هو أن يصبح الولد أكثر صحة وأكثر قوة. وعلى الرغم من أن روبرت نفسه لم يحب هذه الأساليب ويرى أنها لم تنجح معه، إلا أنه عندما كبر، أصبح يتسم بالاستقلالية والاعتماد على الذات والقدرة على التغلُّب على الظروف الصعبة في حياته. وبدون هذه التربية القاسية نوعاً ما، ربما كانت حياة روبرت قد تغيَّرت تماماً.

والدا مردوخ، إليزابيث مردوخ والسير كيث، الصورة في عام 1942
والدا مردوخ، إليزابيث مردوخ والسير كيث، الصورة في عام 1942

سنوات الدراسة في حياة روبرت مردوخ

في سن العاشرة، التحق روبرت بمدرسة جيلونغ غرامر Geelong Grammar School، وهي مدرسة أسترالية داخلية للنخبة. وقد كره روبرت المدرسة من كل قلبه، ولكن والدته كانت تأمل أن يتعلَّم روبرت في هذه المدرسة القدرة على التواصل مع الآخرين، وأن يتخلى عن الأنانية. وفي هذه المدرسة، أصبح روبرت رئيس تحرير المجلة المدرسية If Revived ومُحرِّر مشارك في المجلة الرسمية للمدرسة The Corian. وبعد أن أنهى روبرت الدراسة في هذه المدرسة، عمل بدوام جزئي في جريدة والده، ملبورن هيرالد Melbourne Herald. وفيما بعد، شجَّعه والده على الاستمرار في إدارة أعمال العائلة.

مدرسة غيلونغ جرامر سكول التي درس بها روبرت مردوخ وهي مدرسة داخلية إنجيلية مشتركة
مدرسة غيلونغ جرامر سكول التي درس بها روبرت مردوخ وهي مدرسة داخلية إنجيلية مشتركة

وفي عام 1950، انتقل روبرت إلى مدينة أكسفورد لدراسة السياسة والاقتصاد والفلسفة في كلية وورسيستر، جامعة أكسفورد. وفي ذلك الوقت، حصل روبرت على قدر كبير من الحرية الحقيقية. وقد كان روبرت في ذلك الوقت مدافعاً قوياً عن اقتصاد السوق الحر، وكان معجباً بالنظام الاشتراكي، حتى أنه كان يحتفظ بتمثال نصفي للزعيم الروسي لينين في غرفته. وفي وقت لاحق، قال روبرت مردوخ أن لينين هو ثاني أهم شخص في حياته بعد والده. وكان روبرت يراهن في ألعاب الورق، وقام بإصدار صحيفة سرية.

كلية وورسيستر التي درس بها روبرت مردخ السياسة والاقتصاد والفلسفة في أوكسفورد وتخرج منها عام 1953 عندما حصل على درجة الماجستير
كلية وورسيستر التي درس بها روبرت مردخ السياسة والاقتصاد والفلسفة في أوكسفورد وتخرج منها عام 1953 عندما حصل على درجة الماجستير

خلال سنوات الدراسة، كان روبرت مردوخ يتسم بمزيج من الصفات الغريبة، فهو متنمر وثري وشيوعي، وبالتالي فهو يجمع بين الصفات التي لا تروق للبريطانيين المحافظين. وعندما حاول الانضمام إلى نادي الكريكيت، تم رفض عضويته. وقد كتب صديقه المُقرَّب في ذلك الوقت، روهان ريفيت، الذي كان أيضاً صديق والده، عن روبرت في إحدى رسائله إلى السير كيث مردوخ قائلاً، “أتوقع أن يكسب روبرت أول مليون في ثروته بكل سهولة”. ومع ذلك، لم يستطع روبرت مردوخ التباهي بأي مهارات أو إنجازات أكاديمية. وقد وصفته صحيفة الجامعة، Cherwell، ذات مرة بأنه “سائق فاشل من المناطق النائية ومقامر قدير”. وفي عام 1953، اجتاز مردوخ أخيراً امتحانات التخرُّج وحصل على درجة الماجستير في الآداب.


ميراث العائلة

في عام 1952، وقبل وقت قصير من انتهاء دراسة روبرت في إنجلترا، توفي والده بنوبة قلبية. وعلى الرغم من أن السير كيث كان مسؤولاً عن واحدة من أكبر شركات الصحف في أستراليا، إلا أنه لم يكن يمتلك الكثير من الأسهم في هذه الشركات. وبالإضافة إلى ذلك، تم إنفاق جزء كبير من أموال الأسرة على سداد الديون وتكاليف الجنازة. وفي النهاية، ورثت الأسرة صحيفتين في أديلايد، وهما أديلايد نيوز Adelaide News وصنداي ميل Sunday Mail ومحطة إذاعية في بلدة بروكين هيل Broken Hill. وقرَّر روبرت مباشرة أعمال العائلة، وكان بحاجة إلى الحصول على بعض الخبرة في مجال الإعلام. ولحسن الحظ، قدَّم له صديق والده القديم، اللورد بيفربروك، وظيفة كمُحرِّر في صحيفة ديلي إكسبريس اللندنية Daily Express.

اقرأ أيضاً: قصة نجاح الملياردير العصامي ريشارد برانسون وسيرته الذاتية

في سبتمبر 1953، عاد روبرت مردوخ إلى أديلايد لمباشرة أعماله. وأصبح رئيس تحرير جريدة The Sunday Mail وThe News، وكانت هاتين الصحيفتين على وشك الإفلاس ولم يكن يصدر منهما إلا 75,000 نسخة فقط. وقد أدى ظهور روبرت مردوخ إلى حدوث نوع من الزخم في أستراليا. وعندما بلغ الثانية والعشرين من عمره، اكتسب شهرة واسعة، وأصبح يُسمى “الناشر الصبي”. وقد انعكست طاقته المذهلة على جميع من حوله، فأصبحوا يعملون بشكل أسرع وأكثر حماساً.

وفي أوائل الستينيات من القرن الماضي، أرادت إحدى صحف مدينة أديلايد والتي تنتمي إلى عائلة بيكر الشهيرة، التي كان والد روبرت يعمل فيها، القضاء على صحيفة أديلايد نيوز Adelaide News وإبعاد روبرت مردوخ عن المدينة. ولكن روبرت مردوخ وقف بقوة أمام جميع هذه المحاولات. ففي البداية، حاول السير فرانك بيكر إجبار روبرت على بيع صحيفته ومغادرة المدينة، ولكنه استسلم في النهاية ووافق على اندماج الشركتين، على أن يتولى روبرت مسؤولية الإدارة.


أنشطة روبرت مردوخ في أستراليا ونيوزيلندا

جرت أول محاولة من جانب مردوخ لتوسيع أعماله في عام 1956، عندما اشترى المجلة الأسبوعية New Idea التي كانت تصدر في ملبورن. وبعد أن نجح في تغيير الوضع المالي للمجلة تماماً، اشترى بعد ذلك صحيفة صنداي تايمز Sunday Times التي كانت تعاني من مشاكل، والتي كانت تصدر في بيرث. وقد قوبلت عملية الشراء هذه بالكثير من الرفض من جانب أعضاء مجلس إدارة صحيفة أديلايد نيوز Adelaide News لأن مدينة بيرث تقع على مسافة أكثر من 1400 ميل من مدينة أديلايد، وبالتالي ستكون إدارة الصحيفة مسألة معقدة. ولكن مردوخ كان مصمماً على إثبات خطأ مجلس الإدارة، فاشترى الصحيفة ونجح في إنقاذها. وفي بيرث، نال روبرت مردوخ شهرة واسعة، وأصبح يُعرَف بناشر الأحاسيس. وكان هدف مردوخ الأساسي منصباً على زيادة توزيع الصحيفة، لذا كان يحرص على استخدام العناوين المثيرة. وبالفعل نجحت استراتيجيته، وزادت شعبية الصحيفة واحتلت مكانة رائدة في السوق. وبدأ مردوخ في شراء الصحف الصغيرة الأخرى في جميع أنحاء أستراليا.

وبعد تعديل أهدافه، أصبح مردوخ مهووساً بالاختراع الجديد في عالم الترفيه، وهو التلفزيون، الذي وصل إلى أستراليا في منتصف الخمسينات. وقد توقع أن تصبح هذه التكنولوجيا الجديدة حقيقة بارزة في عالم الإعلام. وبدأت أول محطة تلفزيونية في أديلايد في العمل في عام 1957، وقرَّر مردوخ شراء قناة تليفزيونية، وسافر إلى الولايات المتحدة لاكتساب الخبرة وشراء حزمة برامج لقناته الجديدة. وكانت محطة مردوخ الأولى هي لاس فيجاس، حيث وقع في غرام الثقافة الأمريكية وشارع ستريب.

لونارد غولدنسون، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة إيه بي سي إنك، والذي كان أول معلم لروبرت مردوخ في مجال التلفزيون
لونارد غولدنسون، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة إيه بي سي إنك، والذي كان أول معلم لروبرت مردوخ في مجال التلفزيون

كان أول مرشد لمردوخ في مجال الأعمال التلفزيونية هو غولدنسون، رائد الترفيه التلفزيوني ومؤسِّس ورئيس شركة البث الأمريكية American Broadcasting Company, Inc. وكانت شركة غولدنسون قد أبرمت للتو صفقة مع ديزني واكتسبت سمعة كبيرة في عالم الترفيه التلفزيوني. وباع مردوخ لغولدنسون 6% من شركته الإخبارية مقابل بث برامج ABC في أستراليا، بالإضافة إلى عقد شراكة طويلة الأمد في مجال تقديم البرامج الترفيهية في السوق الأسترالية.

عاد مردوخ إلى أستراليا وهو منبهر بالرؤى الجديدة في مجال الترفيه التلفزيونية. وكان يُخطِّط لإصدار النسخة الأسترالية من مجلة TV Guide. وفي سبتمبر 1959، صدرت تلك المجلة بالتزامن مع بداية بث القناة 9. واستطاعت القناة التلفزيونية تحقيق النجاح على الفور، وجلبت ما يكفي من المال لمساعدة روبرت مردوخ على توسيع إمبراطوريته بسرعة. واستمر توسُّع مردوخ في السوق الأسترالية. وفي عام 1960، اشترى صحيفة ديلي ميرور The Daily Mirror ومقرها مدينة سيدني. وكانت هذه الصحيفة عبارة عن مزيج من أخبار الجرائم والمنشورات المثيرة وقد نجحت في تحقيق شعبية كبيرة في أوساط القراء. وفي 14 يوليو 1964، أسَّس مردوخ صحيفة The Australian، وهي أول صحيفة تصدر في جميع أنحاء أستراليا، وفي عام 1972، كانت الصحيفة تُصدِر 75,000 عدد.

في عام 1960 قام روبرت مردوخ بشراء صحيفة ذا دايلي ميرور والتي كانت مقرها في سيدني
في عام 1960 قام روبرت مردوخ بشراء صحيفة ذا دايلي ميرور والتي كانت مقرها في سيدني

كان نجاح روبرت مردوخ يزداد سريعاً، وتوسَّعت أعماله لتشمل الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية. وفي عام 1972، اشترى روبرت صحيفتي ديلي نيوز وصنداي تيليغراف من عائلة بيكر الشهيرة. وبحلول منتصف السبعينيات من القرن الماضي، أصبحت وسائل الإعلام التي يمتلكها مردوخ تُمثِّل قوة حاسمة في السوق الأسترالية وأداة قوية للاتجاه السياسي المحافظ.


أنشطة روبرت مردوخ في المملكة المتحدة

في عام 1968، اشترى مردوخ صحيفة نيوز أوف ذا وورلد News of the World من عائلة كار. ففي أحد الأيام، اتصل به أحد أصدقائه من الكلية، ستيفن كاتو، وسأله عما إذا كان مهتماً بشراء واحدة من أكثر الصحف المُربِحة في بريطانيا، وهي صحيفة نيوز أوف ذا وورلد. ولكن على الرغم من تاريخ هذه الصحيفة الطويل، إلا أنها كانت تحظى بسمعة سيئة بين اللندنيين. وفي عام 1969، أصبحت الصحيفة مملوكة لروبرت مردوخ لتبدأ رحلته خارج أستراليا. وفي 10 يوليو 2011، توقَّفت الصحيفة عن الصدور بعد 168 عاماً، وذلك بسبب فضيحة تصنت على الهواتف ارتكبها مُحرِّرو الصحيفة.

كان روبرت ماكسويل، الناشر وعضو البرلمان، حريصًا على شراء صحيفة ذا صن The Sun من أجل زيادة شعبيته. وقد أكَّد للمؤسَّسة الدولية للنشر أنه سينشر أخبارًا صادقةً، وبالتالي ستواصل الصحيفة دعم حزب العمال. ولكن المؤسَّسة رفضت طلب ماكسويل. وفي عام 1969، اشترى مردوخ الصحيفة اللندنية المتداعية The Sun (المعروفة سابقاً باسم ديلي هيرالد Daily Herald)، وذلك مقابل 800,000 جنيه إسترليني. وتحت إدارة مردوخ، شهدت هذه الصحيفة تحوُّلا كبيراً، وأصبحت واحدة من ألمع الأمثلة على اختراق مردوخ للسوق. وعندما قام مردوخ بشراء الصحيفة، كانت تستهدف في الغالب أنصار حزب العمل. ولكنها تحوّلت إلى صحيفة شعبية تعتمد على تقديم محتوى يعتمد على الجنس والرياضة والأحاسيس. وعلاوة على ذلك، بدأت الصحيفة تتفوَّق على منافسيها من خلال عرض صور العارضات العارية. ثم بعد ذلك، اشترى مردوخ صحيفة ديلي تليغراف The Daily Telegraph من فرانك باكر في عام 1972.

روبرت مردوخ يُمسك بأول نسخة من صحيفة ذا صن بعد الاستحواذ عليها في 17 نوفمبر 1969
روبرت مردوخ يُمسك بأول نسخة من صحيفة ذا صن بعد الاستحواذ عليها في 17 نوفمبر 1969

وفي عام 1981، اشترى مردوخ شركة Times Newspapers البريطانية التي كانت تُصدِر صحيفة ذا تايمز The Times وصحيفة ذا صنداي تايمز The Sunday Times. وفي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، بدأت رحلة مردوخ في سوق الترفيه التلفزيوني البريطاني. وفي عام 1989، أطلق مردوخ شركة الأقمار الصناعية Sky Television.


أنشطة روبرت مردوخ في الولايات المتحدة الأمريكية

في العام التالي، قام رجل الأعمال الأسترالي بخطوته الأولى في سوق الولايات المتحدة. وفي عام 1973، اشترى مردوخ صحيفتين يوميتين من شركة هارت هانكس Harte Hanks مقابل 19 مليون دولار في سان أنطونيو، تكساس، وهما صحيفة سان أنطونيو إكسبريس San Antonio Express وصحيفة سان أنطونيو نيوز San Antonio Evening News، والتي تم دمجها لاحقاً تحت اسم San Antonio Express-News. وفي سبعينيات القرن الماضي، اشترى مردوخ صحيفة نيويورك بوست New York Post مقابل 12 مليون دولار. وفي وقت لاحق، اشترى مجلة New York Magazine، ومجلة Country Voice ومجلة New West.

وبحلول عام 1977، كان الجزء الرئيسي من إمبراطورية مردوخ متمثلاً في شركة Cruden Investments. وسيطرت الشركة التي كان يملكها روبرت ووالدته وأخواته الثلاث على 40% من أسهم شركة نيوز ليمتد News Ltd، والتي بدورها باشرت إدارة جميع الشركات في أستراليا. وامتلكت شركة نيوز ليمتد News Ltd 48% من شركة نيوز إنترناشيونال ليمتد News International Ltd، التي تولَّت مسؤولية القسم البريطاني من العمل. وامتلكت شركة شركة نيوز ليمتد News Ltd وشركة نيوز إنترناشيونال ليمتد News International Ltd معاً 100% من أصول مردوخ في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 1979، تم دمج جميع الشركات في شركة نيوز كوربوريشن News Corporation، وكان روبرت مردوخ هو المدير العام وعضو مجلس الإدارة. وفي عام 1991، أصبح أيضاً رئيساً لمجلس الإدارة.

خلال حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، قرَّر روبرت مردوخ دخول سوق الترفيه التلفزيوني الأمريكي. ونظراً لأن القوانين الأمريكية كانت تحظر على الأجانب امتلاك قنوات تلفزيونية محلية، حصل مردوخ على الجنسية الأمريكية في عام 1985، ثم بعد ذلك اشترى قنوات تلفزيونية إقليمية وتم دمجها في شبة القنوات التلفزيونية Fox Broadcasting. وفي العام نفسه، اشترى روبرت مردوخ شركة إنتاج الأفلام 20th Century Fox.

وفي عام 1982، اشترى روبرت مردوخ صحيفة هيرالد الأمريكية من شركة هيرست، وأنقذها من الإغلاق. وفي ذلك الوقت، كانت صحيفة هيرالد الأمريكية تواجه انخفاضاً كبيراً في الإعلانات والتوزيع. وفيما بعد، تم تغيير اسم الصحيفة إلى بوسطن هيرالد Boston Herald. وفي عام 1984، اشترى روبرت مردوخ صحيفة شيكاغو صن تايمز Chicago Sun-Times من شركة فيلد إنتربرايزيز Field Enterprises، وأصبح أسلوب الكتابة الصحفية في هذه الصحيفة مشابهاً لنظيره في صحيفة نيويورك بوست New York Post. وفي 01 مايو 2007، أصدرت شركة نيوز كوربوريشن بياناً أكدَّت فيه على الاستحواذ على شركة داو جونز Dow Jones & Co مقابل60 دولاراً للسهم الواحد، أو 5 مليارات دولار في المجموع.


التأثير على الصعيد الدولي

بدأت وسائل الإعلام التي يمتلكها روبرت مردوخ تلعب دوراً كبيراً في مجال السياسة. وفي يوليو 2007، في مقابلة مع كين أوليتا، اعترف روبرت مردوخ أن أكثر ما يسعده هو المشاركة مع مُحرِّري الصحف في إطلاق حملات للتأثير على الرأي العام. وفي سبعينيات القرن الماضي، خسر حزب المحافظين الانتخابات في أستراليا بسبب نفوذ مردوخ الذي ساند زعيم حزب العمال غوف ويتلام. وفي هذا الصدد، قال مردوخ إنه قد لعب دوراً كبيراً في فوز حزب العمال في الانتخابات في عام 1972. ولكن على الرغم من ذلك، سرعان ما فقد مردوخ حماسه لغوف ويتلام، ويُقال إنه قد أصدر تعليماته إلى مُحرِّريه لمحاربته، وهو الأمر الذي أدى إلى إقالة ويتلام من منصبه كرئيس للوزراء، وتعرُّض حزب العمل لهزيمة ساحقة.

وقد ساندت وسائل الإعلام المملوكة لمردوخ في بريطانيا العظمى رؤساء الوزراء المحافظين، ومن بينهم مارغريت تاتشر وجون ميجور، ولاحقاً توني بلير المنتمي لحزب العمال. وفي الولايات المتحدة، ومنذ عهد الرئيس رونالد ريغان، حرص روبرت مردوخ على إطلاق حملات الدعاية للجمهوريين. ويعتقد النقاد أن الآراء السياسية للصحف وقنوات التلفزيون المملوكة لمردوخ كانت تتحدَّد بناءً على مصالح الأعمال. وهكذا، بعد خسارة الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي في عام 2006، زاد دعم نيوز كوربوريشن بشكل ملحوظ للحزب الديمقراطي.

فيلم وثائقي عن قصة نجاح روبرت مردوخ

https://youtu.be/PL7PjIu6k0c

كان روبرت مردوخ يتناول وجبات الغداء بانتظام مع الرؤساء والملوك. وفي الوقت نفسه، زادت قوة مردوخ ونفوذه، وتوسَّعت إمبراطوريته بشكل كبير. وكانت الحكومات والمؤسَّسات تخشى من قدرة مردوخ في التأثير على العملية التشريعية ونتائج الانتخابات. وفي الواقع، كانت قوة مردوخ مخيفة مع الأخذ في الاعتبار أن أكثر من ثلاثين ألف شخص يعملون في شركة نيوز كوربوريشن التي تُصدِر أسبوعياً أكثر من ستين مليون نسخة من الصحف. وتُمثِّل الصحف المملوكة لمردوخ 70% من الصحف الأسترالية و33% من الصحف البريطانية، ويصل بث قناة Fox TV إلى أكثر من 90 مليون منزل حول العالم. وعلاوة على ذلك، فإن الشركات الشقيقة لشركة نيوز كوربوريشن، هاربر آند رو Harper & Row وزونديرفان Zondervan، هما أكبر ناشري الكتب المقدسة باللغة الإنجليزية.

وقد وصف تيد تورنر، منافس مردوخ الأول في مجال تكوين الرأي العام، مردوخ بأنه أخطر شخص على وجه الأرض، وأن خضوع هذا الكم الهائل من وسائل الإعلام المتعددة لشخص واحدـ، وهو مردوخ يمثل تحدياً، للعالم أجمع. وفي 28 يونيو 2012، تم تقسيم أصول شركة نيوز كوربوريشن إلى شركتين تجاريتين عامتين، إحداهما تستهدف وسائل الإعلام، والأخرى تستهدف قطاع النشر. وفي 28 يونيو 2013، تم التقسيم رسمياً، وتم تغيير اسم نيوز كوربوريشن إلى تونتي فرست سينتشوري فوكس 21st Century Fox. وفي نوفمبر 2014، استثمرت شركة نيوز كوربوريشن مبلغ 30 مليون دولار في موقع العقارات ProTiger. وفي الشهر التالي، استحوذت على موقع التخطيط المالي BigDecisions.com. وفي مارس 2015، استثمرت شركة نيوز كوربوريشن في شركة الإعلام الهندية VCCircle. وفي 25 يوليو 2014، أعلنت تونتي فرست سينتشوري فوكس 21st Century Fox عن بيع Sky Italia وSky Deutschland إلى BSkyB مقابل 9 مليارات دولار.


الحياة الشخصية والعائلية لروبرت مردوخ

حياة روبرت مردوخ مليئة بالعديد من قصص الحب على الرغم من أنه لا يمكن وصفه بأنه زير نساء. ففي عام 1956، التقى مردوخ الشقراء الجميلة باتريشيا بوكر التي كانت تعمل مضيفة طيران، والتي أحبها بجنون. وعلى الرغم من ذلك، قضى مردوخ الجزء الأكبر من شهر العسل في دراسة أعماله التجارية الجديدة. وفي عام 1958، استقبل الزوجان طفلهما الوحيد برودينس. ولكن الالتزامات العائلية لم تصرف انتباه روبرت عن العمل. وقد دام زواج روبرت وباتريشيا لمدة 11 عاماً، وتم الطلاق في عام 1967.

وفي عام 1962، التقى مردوخ الذي كان يبلغ من العمر 30 عاماً آنذاك الصحفية الشابة آنا ماريا تورف، التي حضرت لإجراء مقابلة معه في سيدني. وقد أُعجبت آنا بطاقته وجاذبيته، وقد تزامن لقائهما مع طلاق مردوخ، فتم الزواج في عام 1967. وقد كانت لدى آنا معتقدات كاثوليكية صارمة ورثتها عن والدتها سيلفيا برايدا، وهي عاملة تنظيف أسكتلندية. ووالد آنا، جاكوب تريف، كان بحاراً إستونياً مولوداً في إستونيا. وعندما بلغت آنا التاسعة من عمرها، انتقلت عائلتها إلى أستراليا بحثاً عن حياة أفضل وأكثر سعادة.

دام زواج مردوخ وآنا لمدة 31 عاماً، وكانت حياتهما الزوجية تبدو وكأنها حلم جميل. واستقبل الزوجان ثلاثة أطفال، وهم إليزابيث المولودة في سيدني في 22 أغسطس 1968 ولاشلان المولود في لندن في 8 سبتمبر 1971 وجيمس المولود في لندن في 13 ديسمبر 1972. وقد أثَّر شغف روبرت مردوخ بالعمل على قدرته على أن يكون زوجاً وأـباً مثالياً.

روبرت مردوخ مع زوجته الثانية آنا مردوخ وأطفالهم الثلاثة، نيويورك 1977
روبرت مردوخ مع زوجته الثانية آنا مردوخ وأطفالهم الثلاثة، نيويورك 1977

وقد لاحظت آنا أن زوجها لم يكن يهتم بأي نوع من أنواع الفنون والترفيه باستثناء الترفيه التليفزيوني، فضلاً عن فن توقيع العقود وربح الأموال. ولم تصدر عن آن أي شكوى بخصوص التغيير المُتكرِّر لمكان إقامة العائلة، حيث انتقلت العائلة بين سيدني ولندن ونيويورك. وقد كان لدى روبرت مردوخ شغف كبير بالإبحار، لذا اقترحت آن شراء اليخت Morning Glory الذي يبلغ طوله 158 قدماً والذي تولت بنائه شركة بيريني نيفي غروب Perini Navi Group. وقد كان الهدف من شراء هذا اليخت الذي بدأ الإبحار في عام 1993 هو منح روبرت مردوخ فرصة للراحة من العمل وتغيير روتين حياته من آن لآخر. ولكن أكبر مدة قضاها روبرت مردوخ على متن اليخت كانت ثلاثة أيام، وكان يقضيها في إجراء اتصالات هاتفية بدلاً من الصيد والاسترخاء.

روبورت مردوخ قام ببيع يخت مورنينغ غلوري إلى رئيس الوزراء الإيطالي سيليفيو بيرلسكوني
روبورت مردوخ قام ببيع يخت مورنينغ غلوري إلى رئيس الوزراء الإيطالي سيليفيو بيرلسكوني

عندما انفصلت آنا وروبرت في عام 1999، كان الجميع يتساءلون عن السبب وراء هذا الانفصال، وهل يرجع الانفصال إلى أن صبر آنا قد نفذ أخيراً؟ وربما يكمن السبب وراء قرار آنا في رغبتها أن تصبح سيدة أعمال، فهي عضو في مجلس إدارة شركة نيوز كوربوريشن منذ عام 1990 في أعقاب الأزمة المالية التي ضربت شركة مردوخ. ولكن السبب الرئيسي للانفصال يرجع إلى العلاقة الغرامية بين روبرت مردوخ والعارضة الصينية ويندي دينغ والتي كانت تتدرَّب في إحدى الشركات التابعة لمردوخ في هونغ كونغ. وطلبت آن الطلاق الذي تم فعلياً في عام 1999، وكلَّف روبرت مردوخ حوالي 1.7 مليار دولار. وفي أواخر يوليو 1999، وبعد 17 يوماً من الطلاق، تزوَّج روبرت مردوخ من ويندي دينغ على متن اليخت Morning Glory، الذي كانت آن قد اقترحت شرائه في وقت سابق. وبعد ستة أشهر، تزوَّجت آنا تورف من وليام مان.

استقر الزوجان الجديدان روبرت مردوخ وويندي دينغ في شقة مريحة في حي سوهو في نيويورك. وقد سيطر حب ويندي على روبرت مردوخ، فكان دائماً يعيش حالة من الرومانسية ويأتي إلى العمل وهو يرتدي ملابس عصرية، ودون ربطة عنق، وهو الأمر الذي أثار دهشة موظَّفيه. ولكن هذا الوضع الجديد، لم يؤثِّر على العمل، واستمر النجاح. وسرعان ما بدأت ويندي تنخرط في العمل، وأصبحت مستشاراً غير رسمي لجيمس مردوخ في هونج كونغ. وفي هذه الفترة، اكتشف الأطباء إصابة روبرت مردوخ بسرطان البروستاتا، ولكن المرض كان لا يزال في مراحله الأولى. ونصح الأطباء مردوخ بتغيير روتين حياته اليومي.

روبرت مردوخ وزوجته ويندي دينغ بعد حفل الزفاف في يوليو 1999
روبرت مردوخ وزوجته ويندي دينغ بعد حفل الزفاف في يوليو 1999

وذكر المُتحدِّث باسم السيد مردوخ أن الأطباء قد أخذو حالة مردوخ الصحية على محمل الجد، فكان يخضع لعلاج إشعاعي ويتناول مشروب الفاكهة المُثلَّج المُضاف إليه مسحوق الصويا، ثم يمارس التمارين الرياضية لمدة ساعة في صالة الألعاب الرياضية.

على ما يبدو، فإن الأحداث الكبيرة في حياة روبرت مردوخ، مثل الطلاق والزواج والتعرُّض للكثير من حالات الانهيار العصبي، كان لها أثرها على صحته. ومع ذلك، لم يشعر روبرت مردوخ بالندم مطلقاً، بل إنه يزعم أنه قد اكتشف أخيراً سر السعادة في الحياة. وفي 19 نوفمبر 2001، أنجبت ويندي دينغ غريس هيلين في نيويورك، وفي 17 يوليو 2003، أنجبت كلوي في نيويورك أيضاً.

وفي 13 يونيو 2013، قدَّم روبرت مردوخ طلباً في المحكمة العليا لولاية نيويورك للطلاق من ويندي دينغ. وبحسب المُتحدِّث الرسمي باسمه، فإن زواجهما قد انتهى بشكل لا رجعة فيه.

وفي التصنيف الذي نشرته مجلة فورس في عام 2015 لأغنى 400 شخص في أمريكا، احتل روبرت مردوخ المركز الثامن والثلاثين بثروة تبلغ 11.6 مليار دولار


سر النجاح

وصل روبرت مردوخ إلى قمة النجاح لأنه كان دائماً في عجلة من أمره. وبسبب نفاد صبره وقراراته التي كانت منطقية في الغالب، والتي تم اتخاذها بكل بساطة، استطاع روبرت مردوخ بناء إمبراطوريته خلال فترة قصيرة جداً. ويرى ويليام شوكروس، كاتب السيرة الذاتية لروبرت مردوخ، أن هناك عامل آخر مهم كان له أكبر الأثر في تحقيق هذا النجاح ألا وهو قدرة مردوخ على تكريس كامل وقته ومجهوده وتركيزه للنشاط الذي يؤديه مهما كان نوعه. وقد كان مردوخ في سعي دائم نحو النمو والتطوُّر والتحسين والبحث المتواصل عن قمم وآفاق جديدة، حتى أصبح شخصاً ثرياً وذا نفوذ قوي في الصحافة والتلفزيون وغيرها من وسائل الإعلام.


المصادر:


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى