قصة نجاح الملياردير غاي لاليبيرتي مؤسس سيرك دو سولي
الملياردير الذي كوّن ثروة كبيرة في قطاع الترفيه
الميلاد والبداية
الملياردير غاي لاليبيرتي هو أحد مؤسسي “سيرك دو سوليه”، وهي واحدة من أكبر شركات الترفيه وأكثرها نجاحاً حول العالم. وتشتهر هذه الشركة بعروض السيرك المدهشة التي يشاهدها أكثر من 150 مليون شخص. وُلِد غاي لاليبيرتي في 2 سبتمبر/أيلول 1959 في مدينة كيبيك بكندا. وقبل أن يصبح غاي لاليبيرتي واحداً من أشهر رجال الأعمال وأكثرهم ثراءً حول العالم، عمل كعازف أكورديون ولاعب أكروبات. وكان والد غاي يعمل كمسئول تنفيذي للعلاقات العامة في شركة “ألكان ألمونيوم كوربيريشن”، بينما كانت والدته تعمل كممرضة. ومنذ أن كان غاي لاليبيرتي في السادسة عشرة من عمره وهو يخطط للعمل في مجال الفن، حيث كان ينظم العديد من الفعاليات الفنية في المدرسة. وعندما زار غاي السيرك لأول مرة برفقة والديه، أعجب به كثيراً.
التعليم والكفاح في الحياة
بعد تنظيم عدد من العروض الفنية في المدرسة الثانوية، أصبح لدى الملياردير غاي لاليبيرتي قناعة بأنه سوف يمتهن هذا المجال. عمل غاي كعازف على الأكورديون والهارمونيكا وكان لديه شغف كبير بالسفر وكان يرى أنه “شخص حالم مفتون بالثقافات المختلفة للشعوب”.
عندما بلغ غاي الثامنة عشرة من عمره، ترك كندا متوجهاً إلى أوروبا، وقضى أول ليلة له في لندن نائماً في حديقة هايد بارك ملتحفاً السماء وليس في جيبه سوى 1,000 دولار أو أقل. ثم بدأ غاي يعزف الموسيقى في الشارع مقابل القليل من النقود إلى أن التحق بإحدى فرق الشوارع التي كانت تؤدي عروض بهلوانية. ومن خلال هذه الفرقة، لم يحصل غاي على الكثير من الأموال ولكنه اكتسب خبرة كبيرة ومهارات استفاد منها فيما بعد. ويصف غاي لاليبيرتي هذه التجربة قائلاً “إنها كانت مجرد مغامرة، وكنت أخطط لأن أعود للمدرسة بعدها وأعيش حياتي العادية”.
بدايات الحياة المهنية والمصاعب التي واجهها غاي لاليبيرتي
عمل الملياردير غاي لاليبيرتي في بداية حياته كعازف موسيقي ومؤدي للعروض في الشارع. وبعد أن قضى فترة صعبة مليئة بالتحديات في أوروبا، عاد مرة أخرى إلى كندا وعمل بدوام كامل في محطة للطاقة الهيدروكهربائية في مدينة كيبيك. وبعد ثلاثة أيام فقط من التحاقه بالعمل، حدث إضراب للعمال وترك غاي وظيفته. وكنتيجة لذلك، اتخذ غاي قراره بعدم العمل مطلقاً في الوظائف الروتينية وكرّس حياته للعمل في مجال العروض الفنية.
مرحلة النجاح: جوهر النجاح وسبيله وأسبابه
اشترك غاي لاليبيرتي مع مجموعة صغيرة من زملائه في تأسيس أول سيرك في كيبيك يحقق شهرة عالمية. وجاءت انطلاقة “سيرك دو سوليه” في عام 1984 بدعم من الحكومة من أجل الاحتفال بمرور 450 عاماً على اكتشاف كندا. وكان من المقرر أن يستمر “سيرك دو سوليه” لمدة عام واحد، ولكن الحكومة قررت أن يقوم السيرك بجولة في المقاطعات المختلفة. وقد استوحى غاي لاليبيرتي اسم “سيرك دو سوليه” أو “سيرك الشمس” من أجواء هاواي وهو يشير إلى أن الشمس هي رمز الطاقة والشباب.
ومنذ عام 1984، يشارك غاي لاليبيرتي في جميع عروض “سيرك دو سوليه” الذي ذاع صيته عالمياً وامتد نشاطه ليشمل خمس قارات. ويشترك في تنفيذ عروض السيرك ما يقرب من 4,000 شخص من أكثر من 40 دولة حول العالم، ويحقق إيرادات سنوية تتجاوز 810 مليون دولار.
في عام 2007، امتلك الملياردير غاي لاليبيرتي جزيرة نوكوتيبيبي في بولينيزيا الفرنسية. ومن المتوقع أن ينتهي العمل بها في عام 2016 بتكلفة حوالي 20 مليون دولار كندي وفقاً لصحيفة مونتريال. وفي مايو/أذار 2014 صرّح غاي لاليبيرتي لصحيفة مونتريال أنه ينوي أن يتخذ من الجزيرة ملجأ له ولعائلته وأصدقائه في حالة حدوث كارثة عالمية.
معلومات حول ثروته الحالية
كانت البداية في عام 1984 مع مجموعة مكونة من 20 فناناً يؤدون عروضهم في الشارع. وحالياً، أصبح “سيرك دو سوليه” مؤسسة ضخمة مقرها كيبيك وتضم ما يقرب من 4,000 موظف من بينهم 1,300 فنان استعراضي من حوالي 50 دولة مختلفة. ويتابع عروض السيرك المدهشة أكثر من 155 مليون مشاهد في أكثر من 300 مدينة في أكثر من 40 دولة حول العالم. ويمتلك غاي لاليبيرتي ثروة تُقدَر بحوالي 2.6 مليار دولار ويأتي في المركز 11 في قائمة أكثر الأشخاص ثراءً في كندا وفي المركز 459 على مستوى العالم (فوربس 2012).
أعمال غاي لاليبيرتي الإنسانية والخيرية
في عام 2007، أعلن غاي لاليبيرتي عن تدشين منظمة “وان دروب فاونديشن” وهي منظمة تستهدف توفير المياه للجميع حول العالم. وقد حصلت المنظمة على تمويل من غاي لاليبيرتي بقيمة 100 مليون دولار ومن رويال بنك أوف كندا ومن مؤسسة الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو، وهي ترتبط بصلة وثيقة مع “أوكسفام” و”سيرك دو سوليه”.
وقد أسفرت جهود غاي لاليبيرتي عن جذب انتباه العالم لقضايا المياه. وفي سبتمبر/أيلول من عام 2009، أصبح أول كندي يذهب في رحلة سياحية إلى الفضاء وذلك على متن الرحلة التي انطلقت من وكالة الفضاء الاتحادية الروسية. وقد قدّم غاي لاليبيرتي عروضاً فنية في 14 مدينة حول العالم دعماً لقضايا المياه حول العالم.
الدروس المستفادة من حياة غاي لاليبيرتي
ثمة ثلاث مبادئ أساسية ارتكز عليها نجاح غاي لاليبيرتي، ويمكن للمرء الاستفادة منها:
سمو الغرض
هل يتمثل هدفك في تكوين ثروة ضخمة أم في إحداث تأثير على مجتمعك؟ إذا نظرت إلى سيرة حياة أكثر رجال الأعمال نجاحاً، سوف تجد أنهم سعوا في الأساس ليكون لهم تأثير ملموس على مجتمعاتهم. وبالطبع قد يستهدف الإنسان تكوين ثروة ضخمة، ولكن إذا كان لديه هدف أسمى يسعى وراءه فسوف يزيد احتمال تحقيقه لنجاح ملموس.
لم يسع غاي لاليبيرتي لتكوين ثروة، ولكنه سعى لمساعدة البشر وإطلاق خيالهم وتشجيعهم على رؤية العالم من زاوية مختلفة. وقد نجح غاي لاليبيرتي في تحويل السيرك من مجرد وسيلة لتقديم عروض ترفيهية مضحكة إلى تجربة تقدم فرصة رائعة للتعرف على ثقافات وأفكار جديدة. وفي هذا الصدد يقول غاي لاليبيرتي “لدينا قدرة مالية واجتماعية نستطيع استخدامها لتغيير مجتمعنا. وأعتقد أننا إذا أخذنا زمام المبادرة وبدأنا بأنفسنا، فسوف يلحق بنا آخرون وحينها نستطيع تغيير العالم إلى مكان أفضل. ونحن نعلم أن بداخل كل شخص منا طفل صغير، ونحن كتجار سعادة نمنح الجميع فرصة للحلم مثل الأطفال.”
خلق بيئة عمل إبداعية
عندما يتوافر الإبداع في بيئة العمل، يستطيع فريق العملننأنن الوصول إلى طرق جديدة ومبتكرة لحل المشكلات وتقديم منتجات وخدمات فريدة من نوعها، بالإضافة إلى اكتشاف أفكار جديدة لتعزيز النجاح. ويؤمن غاي لاليبيرتي بأن مكان العمل المليء بالابتكار والإبداع يساعد على توليد أفكار جديدة ومبتكرة من شأنها أن تؤدي إلى النجاح. وعلى النقيض من معظم رجال الأعمال الذين يسعون إلى إشراك أكبر عدد من المساهمين، يخشى غاي لاليبيرتي من الضغط الذي سوف يتعرض له من جانب المساهمين الذين يسعون للحصول على أرباح كبيرة. كما أن غاي يستثمر 40% من أرباحه في مجال البحث والتطوير وهي نسبة تبلغ ضعف النسبة المتعارف عليها في مجال تخصصه. وعلاوة على ذلك، يتبع غاي لاليبيرتي نهجاً إدارياً يتيح لفريق العمل أن يكون إبداعياً قدر الإمكان دون تدخل منه اللهم إلا من خلال تقديم تعليقات خلال المرحلة النهائية من الإنتاج. وفي هذا الصدد يقول لاليبيرتي “أؤمن أن الأرباح سوف تتحقق من خلال جودة المنتجات والخدمات المبتكرة التي نقدمها. وكذلك، لديّ إيمان عميق بأهمية الإبداع والابتكار في العمل وأن يكون فريق العمل بمثابة أوركسترا تعزف سيمفونية متفردة.”
المخاطرة
لكي تكون رجل أعمال ناجح، عليك أن تخاطر في بعض الأحيان لاسيما إذا كنت تقدم منتجات وخدمات جديدة ومبتكرة. ولكن عندما تراهن على قدرتك على النجاح وتعمل بجد للوصول إلى هدفك، فسوف تتولّد لديك الثقة لقبول المخاطرة. ومن جانبه، لا يخشى غاي لاليبيرتي المخاطرة ويتضح هذا منذ بداياته عندما عمل كمؤدي استعراضات في الشارع، وكذلك عندما اتخذ قراراً بتغيير طريقة إدارة السيرك وقدّم نوعاً جديداً من السيرك يخلو من عروض الحيوانات. ويقول غاي لاليبيرتي “لم نخش المخاطرة بنجاحاتنا السابقة في سبيل اكتشاف مجال جديد. فنحن نميل للمغامرة وخوض غمار التحديات الجديدة. وقد رأيت الكثيرين يفشلون عندما تسرب إليهم الخوف وأحجموا عن المخاطرة واتباع الأفكار المبتكرة.”
يتفهم غاي لاليبيرتي أهمية استقطاب المواهب والكفاءات المفعمة بالنشاط والحيوية والأفكار الجديدة للعمل معه، لذا ينظم “سيرك دو سولي” حملة توظيف سنوية حيث يخضع حوالي 60 أو 70 مرشحاً من جميع أنحاء العالم للاختبار وينتقي غاي لاليبيرتي من بينهم من يتمتع بحب المخاطرة والخيال الواسع والميل للابتكار، فهو يريد موظفين يشبهونه وينسجمون مع القيم الأساسية لشركته.
يمكنك قراءة المقال التالي: ما هي نوعية الأسهم التي يجب شراؤها والاستثمار فيها؟