في هذه المقالة، سوف نستعرض السيرة الذاتية لرجل الأعمال الإسباني أمانسيو أورتيغا جونا، وقصة نجاح مؤسس شركة زارا، المؤسِّس الشريك لشركة الأزياء إينديتيكس Inditex، والتي تشمل سلسلة محلات الأزياء الجاهزة، مثل زارا Zara وبول آند بير Pull&Bear وماسيمو دوتي Massimo Dutti وبيرشكا Bershka وستراديفاريوس Stradivarius وأويشو Oysho وأوتيرك Uterqüe. وعلى الرغم من أن أمانسيو وُلِد في عائلة فقيرة، إلا أنه نجح في جني ثروة طائلة، ولكنه لم يتغيَّر وظل محتفظًا بسماته الشخصية التي يغلب عليها التواضع والعقل المنفتح. وعلى مدى عقود طويلة، ظلت حياة أمانسيو لغزًا كبيرًا، إذا إنه لم يقم هو أو أي من أقاربه بإجراء أي مقابلة مع وسائل الإعلام.
الطفولة المُبكِّرة
وِّلد أمانسيو أورتيغا جونا في 28 مارس 1936 (بداية الحرب الأهلية في إسبانيا) في قرية Busdongo de Arbas، وهي قرية صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها 100 شخص تقع في منطقة ليون في شمال إسبانيا. وأمانسيو هو الأخ الأصغر لأربعة أشقاء آخرين. كانت عائلة أورتيغا تعاني من فقر مدقع، ومن ثَم انتقلت إلى مدينة لاكرونيا في منطقة غاليسيا في شمال شرق إسبانيا. وكان والد أمانسيو يعمل في محطة السكك الحديدية المحلية. وقد عاشت العائلة في منزل متواضع في مساكن عمال السكك الحديدية. وقد عملت والدة أمانسيو كخادمة في المنازل. وكانت العائلة لا تستطيع الوفاء بمستلزماتها الأساسية، لذا ترك أمانسيو المدرسة وبدأ العمل في الرابعة عشرة من عمره. عمل أمانسيو في وظيفة بائع في متجر محلي يحمل اسم غالا، وهناك تعلَّم حياكة الملابس يدويًا. وكان متجر غالا متجرًا تقليديًا مُتخصِّصًا في صناعة وبيع القمصان والقبعات والسترات التقليدية. وقد جذب أمانسيو انتباه الجميع بفضل مهارته ونشاطه، وهو ما أشار إليه خوسيه مارتينيز الذي ورث المتجر عن أبيه.
خلال سنوات المراهقة، عمل أمانسيو أورتيغا بجد، وكان يستمتع بركوب دراجته في جميع أنحاء المدينة خلال أوقات فراغه. وخلال إحدى جولات أمانسيو بالدراجة، جاءته أهم أفكار العمل، حيث أدرك أنه يجب عليه أن يوفِّر للعملاء احتياجاتهم حتى يستطيع جني الأموال. وعندما بلغ أمانسيو السادسة عشر من عمره، بدأ يُفكِّر في كيفية التعرُّف على رغبات العملاء، والأهم من ذلك هو كيفية تلبية هذه الرغبات. وخلال حقبة الخمسينيات من القرن الماضي، وجد أمانسيو في منطقة غاليسيا بيئة خصبة للعمل، حيث يوجد العديد من النساء العازبات اللائي يمكنهن العمل في مجال حياكة الملابس. وبدأ أمانسيو في تصنيع الملابس الداخلية وملابس الأطفال وأردية النوم. وقد شعر هؤلاء النساء بسعادة كبيرة عندما عملن في التعاونيات التي أنشأها أمانسيو، حيث كان يعاملهن معاملة حسنة.
في عام 1963، وبعد أن اكتسب عشر سنوات من الخبرة في إدارة تعاونيات الحياكة، أسَّس أمانسيو أورتيغا جونا أولى شركاته، وهي شركة Confecciones GOA, S.A (واسم الشركة يُمثِّل الأحرف الأولى من اسمه عند قراءتها من الخلف. وهذه الشركة هي شركة عائلية مُتخصِّصة في صناعة أردية الاستحمام. وكان أمانسيو مسؤولاً عن تطوير خطوط الموضة الجديدة، وشقيقه أنطونيو مسؤولاً عن الجانب التجاري، بينما شقيقته جوزيفا مسؤولة عن مسك الدفاتر. وكانت روزاليا ميرا غوينيتشيا (28 يناير 1944 – 15 أغسطس 2013) شريكة له. وفي عام 1966، تزوج أمانسيو أورتيغا من روزاليا ميرا.
البعد عن الأضواء
يعشق أمانسيو أورتيغا الهدوء والبُعد عن الأضواء، فهو ينفق ملايين الدولارات لحماية حياته الخاصة. ولهذا السبب، لم يعرف أحد أي شيء عن تاريخ الزواج الأول في حياة أمانسيو. وقد تزوَّج أمانسيو من شريكته في العمل روزاليا ميرا غوينيتشيا. لم يظهر الزوجان معًا في الأماكن العامة مطلقًا، ولم يسمحا لأي شخص بالتقاط الصور الفوتوغرافية لطفليهما ساندرا أورتيغا ميرا وماركوس أورتيغا ميرا. وقد انشغل الزوجان بعملهما في مجال الأزياء، وقاما بدمج شركة Confecciones GOA, S.A مع شركة إينديتيكس Inditex، التي تأسَّست في عام 1985 وتم طرحها في البورصة في عام 2001، وهي المجموعة المالكة لعدد من العلامات التجارية الشهيرة، مثل زارا Zara وبول آند بير Pull&Bear وماسيمو دوتي Massimo Dutti وبيرشكا Bershka وستراديفاريوس Stradivarius وأويشو Oysho وأوتيرك Uterqüe.
ولكن في عام 1986، وقع الطلاق بين الزوجين. وفي عام 2001، تزوج أمانسيو من فلورا بيريز ماركوت التي تصغره بحوالي 18 عامًا، والتي كانت تربط بينهما علاقة حب منذ عام 1983. وتُعُد مارتا ابنة أورتيغا من فلورا بيريز، هي خليفته المستقبلية في العمل، وهي في الثلاثينيات من عمرها، ولكنها سارت على نفس خطى والدها، حيث بدأت التدريب المهني من بداية السلم الوظيفي. وتشترك مارتا مع والدها في هواية ركوب الخيل، ولهذا السبب اشترى أمانسيوا مركزًا للفروسية في منطقة غاليسيا بإسبانيا.
وجدير بالذكر أن أمانسيو أورتيغا كان يحرص على تجنُّب الأضواء طوال حياته، لذا فإن إجمالي الصور التي التٌقِطَت له لا يتجاوز 200 صورة. وقد صدرت معظم هذه الصور عن طريق مؤسَّسة زارا الإخبارية الرسمية. وهناك صور أخرى بالإضافة إلى بعض الأخبار الأخرى قد صدرت عن كوفادونغا أوشيا وتشابي بلانكو، وهو صحفي إسباني كتب كثيرًا عن المسيرة المهنية لأمانسيو أورتيغا. وعلى الجانب الآخر، تُعَد كوفادونغا أوشيا صديقة العمر بالنسبة لأمانسيو، وهي تدير مدرسة للأزياء والموضة في جامعة نافارا. وقد اشترك كل من تشابي بلانكو وخيسوس سالغادو في كتابة السيرة الذاتية لأمانسيو أورتيغا، وهي سيرة ذاتية غير رسمية، حملت عنوان “أمانسيو أورتيغا، من الصفر إلى قيادة زارا” وقد نُشِرَت هذه السيرة الذاتية في 17 فبراير 2004. ولكن الحقوق الرسمية لإصدار السيرة الذاتية لأمانسيو قد حصلت عليها كوفادونغا أوشيا. وقد صدر الكتاب بالفعل باللغة الإسبانية في 21 أكتوبر 2008. وفي مارس 2012، نُشر الكتاب باللغة الإنجليزية تحت عنوان “مالك زارا: قصة العبقري الذي يقف خلف مجموعة إينديتيكس”.
نموذج عمل فريد من نوعه في زارا
بدأ أمانسيو في مرحلة مُبكِّرة من حياته العمل في مجال تجارة الملابس بالتجزئة، وقد أسَّس شركته Confecciones GOA, S.A في عام 1963. وقد استقطب أمانسيو العديد من العمال المحليين ذوي الأجور المنخفضة للعمل في تعاونيات الحياكة التي أسَّسها، ونجح في زيادة الإنتاج بوتيرة سريعة. اشترى أمانسيو أورتيغا العديد من المصانع في إسبانيا، وافتتح أول متجر له في وسط مدينة لاكورونيا تحت اسم “زوربا” تيمنًا بالفيلم الشهير، الذي يحبه أمانسيو وزوجته الأولى، في عام 1975. ولكن سرعان ما تغيَّر اسم المتجر إلى “زارا” بسب شكوى تقدَّم بها مالك إحدى الحانات القريبة والتي تحمل اسم “زوربا”. وفي بداية حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، توسَّعت متاجر زارا وانتشرت في العديد من المدن الإسبانية. وفي عام 1988، وبعد تأسيس مجموعة إينديتيكس، افتتح أمانسيو أورتيغا أول متجر لعلامة زارا في البرتغال، حيث كانت العمالة أرخص من نظيرتها في إسبانيا. وفي عام 1989، تم افتتاح متجر زارا في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 1998، ظهرت علامة زارا في مدينة لندن. وفي الوقت نفسه، بدأت مجموعة إينديتيكس في التوسُّع. وبحلول عام 2000، بدأت منتجاتها تغزو أكثر من 30 سوقًا عالمية.
يرتبط نجاح أمانسيو أورتيغا ارتباطًا وثيقًا بنموذج العمل الفريد الذي يعتمد على متاجر الأزياء والموضة التي تعتمد على السرعة في كل شيء. وتتمثَّل الفكرة الأساسية لنموذج العمل هذا في منح العملاء ما يريدون في أسرع وقت ممكن. فعلى سبيل المثال، تشتهر علامة زارا بتصميماتها الجديدة التي تصل إلى 12,000 تصميم سنويًا، فالسرعة هي القوة الدافعة لمتاجر التجزئة. وبالإضافة إلى ذلك، تحرص علامة زارا على تحديث مخزونها من المنتجات مرتين أسبوعيًا. وخلال حقبة السبعينيات من القرن الماضي، حرص أمانسيو أورتيغا على تطبيق قاعدة ذهبية تنص على تسليم الطلبات الجديدة في غضون 48 ساعة. ولهذا السبب، تبدو مصانع زارا وكأنها آلة إنتاج ضخمة لا تتوقف عن الإنتاج، حيث يتعاون المئات من المُصمِّمين ومُحلِّلي المبيعات الموجودين في مكان واحد لتحقيق المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه نموذج العمل الذي يتبناه أمانسيو، والذي يعتمد على سرعة التنفيذ والتركيز على اهتمامات العملاء. وعادةً ما يُقدِّم المُصمِّمون 3 تصميمات يوميًا، يتم اختيار تصميم واحد فقط من بينها. وعادة ما يتمتَّع الخبراء التجاريون بخبرة إقليمية، فهم يأتون من خلفيات متنوِّعة. ويطلع هؤلاء الخبراء على تقارير من المديرين المحليين لمعرفة عادات العملاء واتجاهاتهم. ويتم تدريب جميع موظَّفي زارا على مراقبة العملاء وطلباتهم واتجاهات الشراء لديهم.
استطاع أمانسيو أورتيغا بناء إمبراطوريته الضخمة في عالم الموضة عن طريق هذه القاعدة الذهبية التي تعتمد على تلبية احتياجات العملاء في أسرع وقت ممكن. وهذا هو النهج الأساسي الذي تبنته مجموعة إينديتيكس العالمية التي تضم 137,054 موظَّفًا يعملون في 6,683 متجرًا ومصنعًا في 88 دولة حول العالم. وفي 31 يناير 2015، تجاوزت إيرادات المبيعات السنوية 18.1 مليار يورو وهو ما يعادل 19.67 مليار دولار أمريكي. وقد كان يستحيل بناء مثل هذه الإمبراطورية الضخمة دون أن يتخل أمانسيو أورتيغا عن نموذج العمل الذي يعتمد على إنتاج الأزياء الراقية التقليدي ليحل محله نموذج العمل الفريد الذي تم تطويره على مدى سنوات طويلة. ولكن هذا النهج الجديد من العمل الذي يعتمد على السرعة أحيانًا ما يواجه مشكلات، مثل العيوب التي تظهر في الملابس من وقت لآخر، وهي عيوب يتم تصحيحها سريعًا. فعلى سبيل المثال، لم تلق سترات زارا ذات اللون الأبيض إقبالاً من العملاء في مدينة مانهاتن الأمريكية، حيث كان اللون الكريمي هو اللون المُفضَّل. لذا، تم سحب السترات البيضاء من المتاجر وعرض السترات ذات اللون الكريمي، والتي حقَّقت نجاحًا منقطع النظير.
وأهم ما تحرص عليه علامة زارا هو عدم تكرار التصميمات التي لاقت نجاحًا كبيرًا، ولكنها تقوم بتعديل التصميمات وتقديم إصدارات جديدة. ويحرص عملاء زارا على انتظار موعد إصدار المنتجات الجديدة من زارا، حيث يتم عرض الأزياء الجديدة يومي الأحد والخميس، بينما يتم عرض الأحذية يومي الثلاثاء والجمعة. وفي ستراديفاريوس Stradivarius وماسيمو دوتي Massimo Dutti، تصل الملابس الجديدة يومي الثلاثاء والخميس. وفي بول آند بير Pull&Bear وبيرشكا Bershka، تُعرَض الملابس الجديدة يومي الثلاثاء والجمعة. وهناك العديد من الشخصيات العالمية المشهورة التي تحرص على شراء منتجات زارا التي تتميَّز بتصميماتها العصرية الرائعة وجودتها الاستثنائية، مثل الملكة ليتيزيا، ملكة إسبانيا، ودوقة كامبريدج وميشيل أوباما وماري بيري وأوليفيا باليرمو وكاتي هولمز وسامانثا كاميرون، بالإضافة إلى الكثير غيرهن. وقد ابتكرت المدوِّنة غارانس دوريه مصطلحًا جديدًا هو “Zaragasm”، والذي يشير إلى الشغف بمنتجات زارا المتنوِّعة وعروضها الرائعة.
وبفضل نموذج العمل المعروف باسم “Zaragasm”، لا تواجه مجموعة إينديتيكس منافسة إلا من عدد قليل جدًا من الشركات الأخرى. ويشتهر المنافسون بنوعية الأزياء التي يُقدِّمونها، بينما تشتهر زارا بأسلوبها المُميَّز في العمل، فضلاً عن نوعية المنتجات التي تُقدِّمها. ويرى كريستودولوس شافياراس، المُحلِّل في شركة باركليز، أن الشركة ليس لها منافس في وتيرة العمل السريعة. فعلى سبيل المثال، يتم افتتاح متجر جديد لعلامة زارا يوميًا في مكان ما من العالم. ومنذ سنوات قليلة، تم افتتاح المتجر رقم 6000 لشركة إنديتكس في شارع أكسفورد بلندن. وهناك أيضًا 50 متجرًا لـعلامة زارا في الولايات المتحدة الأمريكية و2000 متجرًا في إسبانيا وحوالي 350 متجرًا في الصين، بينما لا تزال معظم المصانع موجودة في إسبانيا والدول المجاورة لها. ولدى مجموعة إنديتكس إنتاجها في الصين والمغرب أيضًا، مما يجعل من الممكن زيادة الإنتاج بين عشية وضحاها.
الاستثمارات والعمل الخيري
لا تقتصر المحفظة الاستثمارية لأمانسو أورتيغا، والتي حقَّقت له ثروته الضخمة، على الشركات المُتخصِّصة في الأزياء والموضة فقط، بل تشمل أيضًا بعض الاستثمارات الأخرى في جميع أنحاء العالم، مثل الغاز والبنوك والسياحة والعقارات. ويمتلك أمانسيو أورتيغا حصة قدرها 59.3% في شركة إينديتيكس وتبلغ قيمتها الحالية 110 مليار يورو أي ما يعادل حوالي 119.54 مليار دولار أمريكي، ولا تزال قيمة الأسهم آخذة في الارتفاع. وتشير الصحف والمجلات المُتخصِّصة في عالم المال والأعمال إلى أن العمل في مجال الأزياء ساعد أمانسيو أورتيغا على امتلاك العقارات في لندن وباريس ومدريد ولشبونة وميامي.
وبعيدًا عن العمل والنشاط التجاري، لأمانسيو أورتيغا نشاط كبير في مجال العمل الخيري. فقد أسَّس أمانسيو بالاشتراك مع زوجته الأولى، روزاليا ميرا، مؤسسة Paideia في عام 1986. وهذه المؤسَّسة الخيرية تساعد الأشخاص ذوي الإعاقات العقلية والجسدية في الحصول على تعليم وتدريب مُتعدِّد التخصُّصات. وقد حصلت هذه المؤسَّسة الخيرية على العديد من الجوائز. وفي عام 2001، أسَّس أمانسيو منظمة غير ربحية أخرى، وهي Fundacion Amancio Ortega، وهي منظَّمة غير حكومية خاصة تهدف إلى تعزيز العلوم والبحوث والتعليم والعمل الاجتماعي والثقافة والرفاهية. وقد حصل أمانسيو على وسام الاستحقاق المدني عام 2009، وهو يشغل منصب رئيس المؤسَّسة، بينما تشغل ابنته الصغرى فلورا بيريز ماركوت منصب نائب الرئيس.
ولا تُعَد القاعدة الذهبية التي يتبناها أمانسيو، وهي تلبية احتياجات العملاء في أسرع وقت ممكن، هي السر الوحيد لنجاح أمانسيو. ونظرًا لأن أمانسيو يمتلك العديد من العقارات، فهو يقوم بتأجير عقاراته لمتاجر زارا، وبالتالي يكون هو مالك المتاجر أيضًا، وبالتالي لن ترتفع أسعار الإيجارات. وفي عام 2011، دخل أمانسيو أورتيغا مناقصة لشراء برج بيكاسو المكوَّن من 43 طابقًا، وهو مبنى مكاتب شهير في مدريد. وقد حسم أمانسيو الصفقة مقابل 556 مليون دولار نقدًا.
وعلاوة على ذلك، في عام 2014، اشترى أمانسيو أورتيغا عقارات جديدة في مدينة برشلونة بقيمة 60 مليون دولار أمريكي، ويحتل أحدها متجر أبل الشهير. وواصل أمانسيو شراء العقارات في منطقة ويست إند في لندن ومنطقة ميتباكينغ في مدينة نيويورك وأفضل مناطق التسوُّق في برشلونة وروديو درايف في بيفرلي هيلز. واستثمر أمانسيو أورتيجا مليار دولار في غضون أربعة أشهر (من ديسمبر 2013 إلى مارس 2014). وحاليًا، يواصل أمانسيو العمل بنشاط والاستثمار في قطاعي الأزياء والعقارات، وذلك بالمقارنة برجل الأعمال سام والتون، مؤسِّس شركة وول مارت Wall-Mart، ودونالد برن مالك شركة إيرفين Irvine، وهي تُعَد الشركة الأقوى في قطاع العقارات. وتبلغ قيمة إمبراطورية أمانسيو أورتيغا العقارية حوالي 10 مليار دولار. وقد أنفق أماسيو ما يقرب من 6 مليارات دولار على مدى العقود الماضية لشراء عقارات في شيكاغو وميامي وسان فرانسيسكو وواشنطن وبرلين وباريس. وفي الغالب، تتم عمليات الاستحواذ من خلال شركة Pontegadea Inmobiliaria وشركة Pontegadea Inversiones المملوكتين لأمانسيو واللتين يعملان في قطاع العقارات.
وصلت البطالة في إسبانيا إلى مستوى حرج في عام 2015. ففي عام 2007، باعت جميع مكاتب الشركات الإسبانية في وسط المدينة في برشلونة ومدريد وبلباو ممتلكاتها. وعلى الجانب الآخر، لم تعان إنديتكس من الأزمة، فاستغل أمانسيو أورتيغا الفرصة وقام بشراء مواقع رائعة بخصومات كبيرة. ويرى رئيس الرابطة الإسبانية لمُصمِّمي الأزياء، موديستو لومبا، أن إنديتكس تعيش في عالم آخر بعيدًا عن الأزمات الاقتصادية.
أسلوب الحياة
في غضون 30 عامًا، ومنذ تأسيس شركة إنديتكس، أصبح أمانسيو أورتيغا أحد أقطاب قطاع الأزياء والموضة. ووفقًا لمجلة فوربس، يُقدَّر إجمالي ثروة أمانسيو 73.5 مليار دولار في 20 ديسمبر 2015. ويرجح نجاح أمانسيو إلى سماته الشخصية التي تشمل مرونة التفكير والعمل الجاد والثقة الكبيرة بالنفس. وقد ظهرت مرونة التفكير لدى أمانسيو أورتيغا بوضوح في قدرته على الاستجابة لطلبات العملاء بسرعة، وتصميم الملابس الجاهزة العصرية التي تجذب العملاء من جميع أنحاء العالم. أيضًا، يحرص أمانسيو على مراقبة أسلوب حياة الشباب والاتجاهات السائدة لديهم حتى يستطيع تصميم أزياء تناسب روح العصر. فأحياناً، قد يرى أمانسيو سائق دراجة نارية في إشارة المرور وهو يرتدي سترة جينز مصنوعة يدويًا، فيتصل بأحد المُصمِّمين لديه على الفور لكي يضيف هذا التصميم إلى مجموعة زارا.
في عام 2012، طلب أمانسيو أورتيغا من بابلو إيسلا، نائب رئيس شركة إنديتكس، أن يحل محله في منصب الرئيس التنفيذي للشركة. وعلى الرغم من بلوغه التاسعة والسبعين من عمره، لا يزال أمانسيو يقطع يوميًا مسافة 10 أميال حتى يصل إلى مقر عمله، ولا يزال يسعى إلى زيادة انتشار علامته التجارية على مستوى العالم. وعلى الرغم من ثروته الضخمة، لا يملك أمانسيو مكتبًا شخصيًا، ولكنه يجلس مع مُصمِّميه في مكان مفتوح، حيث يشارك في تطوير اتجاهات جديدة ومناقشة الألوان والأقمشة الجديدة. ويقول لوريتو غارسيا فالكي، رئيس زارا أستوديو في شركة إنديتكس إنهم لا يحضرون عروض الأزياء، ولكنهم يستمعون إلى العملاء حتى يكتشفوا أحدث الصيحات. ولا يزال أمانسيو يؤدي دوره باعتباره مصدر الإلهام الرئيسي للشركة بأكملها.
يعشق أمانسيو أورتيغا العمل، ونادرًا ما يحصل على إجازة، فهو يعيش حياة بسيطة للغاية في موطنه الأصلي لاكورونيا، وهي مدينة صغيرة في منطقة غاليسيا على الساحل الشمالي، ويبلغ عدد سكانها 300 ألف نسمة. وفي كل صباح، يذهب أمانسيو إلى المقهى نفسه في وسط مدينة لاكورونيا، ويتناول إفطاره المكوَّن من البيض والبطاطا المقلية. وعادة ما يُرى أمانسيو وهو يسير في ميدان ماريا بيتا. ويحرص أمانسيو على تناول وجبة الغداء في الشركة برفقة خبراء الأقمشة وغيرهم لمناقشة المسائل التجارية. ولا يرتاد أمانسيو المنتجعات الفاخرة المُخصَّصة لأصحاب الملايين، ونادرًا ما يذهب إلى اليونان لقضاء إجازة. ويعاني أمانسيو من الخوف من ركوب الطائرات، وهو الأمر الذي شجعه على تخصيص بضعة أسابيع في السنة للمشي لمسافات طويلة في منطقة غاليسيا. وأثناء تواجده في المنزل، يهوى أمانسيو تربية الدجاج والماعز، ويحب قضاء الوقت برفقه أحفاده.
عاش أمانسيو طفولة صعبة ولم يحصل على شهادة جامعية، ولكنه استطاع الوصول إلى مكانته الحالية بفضل سماته الشخصية وحبه لعمله وثقته في نفسه ورغبته في الابتكار والتميُّز وتلبية احتياجات العملاء في أسرع وقت ممكن. وعلى الرغم من عمله في مجال الموضة والأزياء، إلا أن أمانسيو أورتيغا لا يهوى ارتداء الملابس الفاخرة من تصميم شركته، فهو يحب الملابس البسيطة التي تشبه أسلوب حياته، فهو يحرص دائمًا على ارتداء قميص أبيض بسيط وسترة زرقاء بدون ربطة عنق وبنطلون رمادي.
المصادر:
يمكنك قراءة المقال التالي: دليلك لبيع تصميمات التيشيرتات المطبوعة والربح منها عبر الانترنت