ريادة أعمال

قصة كفاح لاكشمي ميتال صاحب أكبر شركة لصناعة الصلب في العالم

كل ما تريد أن تعرفه عن هذا الملياردير العصامي الهندي

الميلاد والبداية

وُلِد لاكشمي ميتال، أحد أقطاب صناعة الصلب في الهند، في 15 يونيو/حزيران 1950منطقة تشورو في راجاستان. ثم بعد ذلك انتقلت عائلته إلى مدينة كلكتا في منطقة غرب البنغال. يمتلك لاكشمي اثنين من الأخوة وكان والده يدير مصنعاً للحديد والصلب. وحتى حقبة التسعينات من القرن الماضي، كان إجمالي أصول العائلة عبارة عن مصنع لدرفلة الصاج في ناجبور ومصنع لسبائك الصلب في بيون. وحالياً، يتولى إخوة لاكشمي إدارة مصنع كبير متكامل للحديد والصلب بالقرب من مومباي، بينما لا يتدخل لاكشمي على الإطلاق في إدارة هذا المصنع.

يتولى لاكشمي منصب الرئيس والمدير التنفيذي لشركة “آرسيلور-ميتال “، وهي أكبر شركة لتصنيع الصلب في العالم. ويُعَد لاكشمي ميتال أغنى شخص في المملكة المتحدة وثاني أغنى شخص في أوروبا ويحتل المركز السادس عالمياً في قائمة الأشخاص الأكثر ثراءً. وتبلغ ثروة لاكشمي 31.1 مليار دولار. وقد تكلّف حفل زفاف ابنته فانيشا مبالغ طائلة جعلته هو الأغلى في التاريخ. ويأتي لاكشمي في المركز 44 في قائمة الأشخاص الأكثر تأثيراً في العالم والتي تضم 68 شخصاً.


التعليم

خلال الفترة من 1957 إلى 1964، درس لاكشمي ميتال في مدرسة “شري دولترام نوباني”. وحصل على بكالوريوس تجارة من كلية سانت خافيير بجامعة كلكتا.


بدايات الحياة المهنية والمصاعب التي واجهها لاكشمي ميتال

بدأ لاكشمي حياته المهنية بالعمل في مصنع العائلة في الهند. وفي عام 1976 عندما أسست الشركة مصنعاً كبيراً للحديد والصلب، شرع لا كشمي في تأسيس القسم العالمي من خلال شراء أحد المصانع في إندونيسيا. وبعد فترة وجيزة، تزوج لاكشمي من زوجته أوشا، ابنة أحد المقرضين الأثرياء. وبسبب خلاف مع أبيه وأخوته، انفصل لاكشمي وأسس “ميتال ستيل” التي تمارس نشاطها في 14 دولة حول العالم.


مرحلة النجاح: جوهر النجاح وسبيله وأسبابه

“ميتال ستيل” هي أكبر مُصنِع للحديد والصلب في العالم بإنتاج يبلغ 42.1 مليون طن وأرباح تتجاوز 22 مليار دولار في عام 2004. وقد بدأت نواة هذه الإمبراطورية الضخمة من خلال مصنع صغير في إندونيسيا. ثم تكرر الأمر في العديد من الدول الأخرى، فتم الاستحواذ على مصانع في ترينداد والمكسيك والجزائر. وفي كل مرة، كان الأمر ينجح والأرباح تزداد من خلال الاستعانة بإدارة هندية على أعلى مستوى من الكفاءة تلقت تدريباً مكثفاً في مصانع العائلة.

ومع انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1989، رأى لاكشمي فرصاً جديدة لشركته. وفي عام 1995، استثمر لاكشمي ميتال مبلغ مليار دولار في شراء مصنع في كازاخستان، أحد جمهوريات الاتحاد السوفيتي، وبعد تطويره وتوفير مصادر الماء والطاقة والعمالة المدربة، أصبح المصنع أحد الركائز الأساسية لإمبراطورتيه المتنامية. وفي عام 2004، اندمجت شركة لاكشمي مع المجموعة العالمية للصلب في بريطانيا، وهي مجموعة قابضة تضم 5 شركات للصلب. وأصبحت “ميتال ستيل” أكبر مُصنِع للصلب في العالم، وأصبح لاكشمي ميتال أغنى شخص في بريطانيا. وفي العام التالي، حصل لاكشمي ميتال على نسبة 37% من ملكية مجموعة هونان فالين آيرون آند ستيل الصينية. وتُعَد الصين أكبر مصدر ومستورد للصلب، وإن ظل احتمال انخفاض أسعار الصلب مصدر قلق من الاستثمار في الصين.

حقق لاكشمي ميتال انتصاراً آخراً في عام 2006 عندما استحوذ على شركة “آرسيلور لوكسمبورج”، ثاني أكبر شركة للصلب في العالم، بعد معركة شرسة خاضها ضد مسئولي الشركة الذين حاولوا بشتى الطرق منع هذه الصفقة، ولكن في نهاية الأمر صوَت مساهمو الشركة لصالح لاكشمي ميتال استناداً إلى تاريخه السابق من النجاح. وقد أولت الصحافة البريطانية اهتماماً خاصاً بلاكشمي ميتال وعائلته التي تتكون من ابنه، أديتيا الذي يشغل منصب الرئيس والمدير المالي لشركة “ميتال ستيل” وابنته فانيشا التي تزوجت في حفل زفاف أسطوري في فرنسا تكلّف 55 مليون دولار. ويمتلك لاكشمي ميتال منزلاً خاصاً في لندن تُقدّر قيمته بمبلغ 128 مليون دولار، ويضم المنزل حمام سباحة مرصع بالجواهر الثمينة. ومن جانبه، يعشق لاكشمي ميتال العمل الجاد. ويروي لاكشمي أنه اندهش كثيراً عندما وجد رجال الأعمال الأمريكيين، خلال رحلة عمل قام بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل تسعينات القرن الماضي، يعملون 5 أيام في الأسبوع ويلعبون الغولف بقية الأسبوع.


معلومات حول ثروته الحالية

في عام 2007، كان لاكشمي ميتال أغنى شخص من أصول أسيوية في أوروبا. وعلى الرغم من كونه ثامن أغنى شخص في بريطانيا في عام 2002، إلا أنه لم يكن يحمل الجنسية البريطانية. وفي عام 2011، احتل المركز السادس في قائمة أغنياء العالم وفقاً لتصنيف مجلة فوربس. وعلى الرغم من تراجعه إلى المركز 88 في نفس القائمة في عام 2015، تبلغ ثروته 16 مليار دولار.  ويشغل لاكشمي ميتال عضوية مجلس إدارة “غولدمان ساكس” منذ عام 2008، وكذلك عضوية مجلس إدارة مجموعة إيرباص. ويترأس لاكشمي أيضاً اللجنة التنفيذية للرابطة الدولية لمنتجي الصلب. وهو عضو أيضاً في المجلس الاستشاري العالمي لرئيس وزراء الهند ومجلس الاستثمار الأجنبي في كازخستان ومجلس الأعمال العالمي في المنتدى الاقتصادي العالمي والمجلس الاستشاري الرئاسي في موزمبيق. وهو عضو في مجلس أمناء مستشفى كليفلاند كلينيك، وعضو في المجلس الاستشاري في كلية كيلوغ للإدارة في جامعة نورث وسترن بالولايات المتحدة.


حوار مع لاكشمي ميتال

في حوار حصري مع إن دي تي في عقب نيله جائزة التميز من كلية سانت خافيير، تحدث لاكشمي ميتال عن جوانب عديدة من حياته وأسباب نجاحه.

المحاور: ضيفنا اليوم هو شخصية مميزة حققت العديد من النجاحات في أقاليم عديدة من العالم، من بينها راجاستان وكلكتا وإندونيسيا ولندن. ضيفنا اليوم يُلقّب بملك صناعة الصلب. سيد/ميتال، هل لك أن تحدثنا عن تجربتك مع الدراسة في كلية سانت خافيير وتأثيرها عليك؟

لاكشمي ميتال: في بداية حديثي، أود أن أعرب عن فخري الشديد لاختياري من أجل الحصول على جائزة التميز من كلية سانت خافيير. وتعود بداية القصة إلى مرحلة مبكرة من عمري عندما كنت في السادسة عشرة من عمري. فبعد نجاحي في المدرسة المتوسطة في كلكتا، تقدمت لجامعة سانت خافيير ولكنني لم أنل شرف القبول في البداية. ولكن بسبب إصراري وتفوقي، تم قبولي في النهاية.

المحاور: هل استفدت من هذه التجربة في حياتك العملية؟

لاكشمي ميتال: لقد كان الأمر بمثابة تحدي لكي أثبت لأعضاء لجنة القبول أنني أستطيع التفوق في الدراسة باللغة الإنجليزية على الرغم من تخرجي من مدرسة متوسطة هندية. ولقد تعلمت الكثير من هذه التجربة المليئة بالتحدي، فقد عملت بجد وتركيز من أجل أن أصل لهدفي وبالفعل نجحت في مسعاي.

المحاور: لماذا لم تقبل العمل في وظيفة مدرس بجامعة سانت خافيير؟ وهل تشعر بالندم على ذلك؟

لاكشمي ميتال: لقد كنت في التاسعة عشرة في ذلك الوقت، ولقد شعرت بالرضا عندما نجحت في تحقيق حلمي بالالتحاق بالجامعة. وحالياً، أنا لديّ مهنة مختلفة، ولكنني ما زلت أود أن أعمل كمدرس بالجامعة أو كمحاضر لأنني أرى أن الانقطاع عن التعليم يعني الانقطاع عن المعرفة التي لا غنى عنها للجميع من أجل الوصول إلى مستقبل أفضل.

المحاور: هل تشعر بالندم على عدم العمل كمدرس بالجامعة؟

لاكشمي ميتال: لا أشعر بالندم، ولكن لديّ مشاعر مختلطة حيال الأمر. ولكن الدرس الذي تعلمته جيداً هو أن الحياة مليئة بالصعوبات والتحديات مهما كان نوع العمل الذي يمارسه الإنسان. ويجب على الجميع العمل بجد واجتهاد من أجل مواجهة تلك التحديات.

المحاور: لقد ذكرت أنك لا تتحدث الفرنسية، هل لديك أي خطط لتعلمها في المستقبل؟ وهل تجد صعوبة في العمل في فرنسا؟

لاكشمي ميتال: لدينا أعمال ضخمة في فرنسا، فهي دولة مهمة بالنسبة لنا. وأنا من جانبي أحب فرنسا وكذلك أحب زملائي الفرنسيين والموظفين الفرنسيين الذين يعملون معنا. ولكن لا أعتقد أنني سوف أستطيع تعلم اللغة الفرنسية، فقد فات أوان ذلك. وجدير بالذكر أن فرنسا، باعتبارها جزء من أوروبا، تأثرت بالأوضاع العامة للاقتصاد، فالمشكلة عامة وليست مقصورة على فرنسا وحدها.

المحاور: سيدي، أنت تعلم أن الهند تمر بفترة صعبة خلال العامين الماضيين وهناك العديد من الفضائح المتعلقة بحالات فساد. هل لنا أن نعرف رأيك فيما يدور في الهند وما هي تصوراتك للمستقبل؟

لاكشمي ميتال: الهند جزء من العالم، وتتأثر بالأوضاع العالمية السائدة في عالم تسيطر عليه العولمة والاقتصاد الكلي. فعلى سبيل المثال، عند حدوث كساد في أوروبا واضطرابات في أماكن أخرى من العالم، لا يمكن أن تظل الهند بمنأى عن ذلك. وأنا أرى أن الهند لديها فرص عظيمة للنمو، فهي في مرحلة انتقالية حالياً سوف تصبح بعدها دولة متقدمة.

المحاور: لماذا لم تتخلى حتى الآن عن جواز سفرك الهندي؟

لاكشمي ميتال: أنا هندي، وأشعر بالولاء لوطني.

المحاور: هل ثمة احتمال لتغيير رأيك في المستقبل؟

لاكشمي ميتال: لا، لن يحدث.

المحاور: ما هي الرسالة التي تود توجيهها للطلاب الحاضرين اليوم؟

لاكشمي ميتال: الرسالة التي أود تقديمها لجميع الحاضرين اليوم تتلخص في أن التعليم ضروري ولا غنى عنه فهو الركيزة التي يعتمد عليها أي مجتمع لتحقيق التقدم.

المحاور: وبماذا تنصح الشباب الصغير المقدم على الزواج؟

لاكشمي ميتال: لابد من المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة.


أعمال لاكشمي ميتال الإنسانية والخيرية

في عام 2002، اشتركت مؤسسة لاكشمي ميتال وأوشا ميتال مع حكومة راجاستان من أجل إنشاء جامعة تحت اسم ” LNMIIT” في مدينة جايبور كمنظمة مستقلة غير ربحية. وتميزت الجامعة بتوفير تعليم جيد المستوى مع التركيز على دعم البحث العلمي من أجل تخريج طلاب قادرين على المساهمة بفاعلية في تقدم المجتمع.

وبعد حصول الهند على ميدالية برونزية واحدة في دورة الألعاب الأوليمبية 2000، وميدالية فضية واحدة في دورة الألعاب الأوليمبية 2004، قرر لاكشمي ميتال إنشاء صندوق ميتال للأبطال برأس مال يبلغ 9 مليون دولار وذلك من أجل توفير الدعم لعشرة من الرياضيين الهنود. وقد منح لاكشمي أبهيناف بيندرا جائزة بقيمة 15 مليون روبية لفوزه بأول ميدالية ذهبية في الألعاب الأوليمبية في لعبة الرماية.

وفي عام 2008، تبرّع لاكشمي بمبلغ 15 مليون جنيه إسترليني لصالح مستشفى جريت أورموند ستريت، وهو أكبر تبرع حصلت عليه المستشفى. وقد استُخدِم التبرع لإنشاء مركز ميتال الطبي للأطفال.


الدروس المستفادة من حياة لاكشمي ميتال

فيما يلي أهم النصائح المستخلصة من خبرات لاكشمي ميتال، ملك صناعة الصلب في العالم.

ترتيب الأهداف: احرص على السعي لتحقيق أهدافك بشكل متتالي، فيعد أن تنجح في تحقيق أحد أهدافك انتقل إلى الهدف الذي يليه وهكذا. فالنجاح طريق شاق ولا يأتي بين عشية وضحاها، فأنا أعمل في مجال صناعة الصلب منذ أكثر من 40 عاماً.

الواقعية والطموح: تستطيع أن تكون طموحاً، ولكن لا بد أن تكون واقعياً كذلك. فلا يمكنك أن تصعد إلى أعلى ما لم تكن قدماك راسختان على الأرض.

السعادة دليل النجاح: عندما تحب عملك وتتفوق في أداءه، فسوف تصبح سعيداً بما تحقق. وإذا لم تشعر بالسعادة، فلن تحقق مزيد من النجاح.

القرارات الحاسمة: عليك أن تتخذ بعض القرارات الحاسمة التي سوف تُحدِث فارقاً في حياتك.

فريق العمل القوي: أنت بحاجة إلى فريق عمل قوي يساعدك في التقدم إلى الأمام ويقف بجانبك في الأوقات الصعبة.

التعليم الجامعي وحده ليس كافياً: التعليم الجامعي وحده لا يضمن لك النجاح، ولكن يجب عليك السعي للمعرفة بصفة دائمة وشحذ مواهبك ومهاراتك من أجل تحقيق النجاح.

يمكنك قراءة المقال التالي: هل تمتلك سمات القائد الناجح؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى